الثلاثاء، 20 نوفمبر 2018

الفضاء الخارجي والفضاء الارضي

الفضاء الخارجي هو الفراغ الموجود بين الأجرام السماوية، بما في ذلك الأرض. وهو ليس فارغًا تمامًا، ولكن يتكون من فراغ نسبي مكون من كثافة منخفضة من الجزيئات (الجسيمات): في الغالب بلازما الهيدروجين والهليوم، وكذلك الإشعاع الكهرومغناطيسي، المجالات المغناطيسية، (والنيوترونات. أثبتت الملاحظات مؤخرا أنه يحتوي على المادة والطاقة المظلمة أيضاً). خط الأساس لدرجة الحرارة، والذي حدده الإشعاع المتبقي بسبب الانفجار الكبير، هو 2،7 كلفن (ك). البلازما ذات الكثافة المنخفضة للغاية (أقل من ذرة هيدروجين واحدة في المتر المكعب) و درجة الحرارة المرتفعة (ملايين من درجات الكلفن) في الفضاء بين المجرات تحسب في أغلب مسألة الباريونية العادية في الفضاء الخارجي؛ وقد كُثِّفت تركيزات محلية إلى نجوم ومجرات. يشغل الفضاء بين المجرات حجما أكبر من الكون، و حتى المجرات والأنظمة النجمية معظمها يكون فراغا والكواكب تشغل تقريبا المساحة الفارغة.
ليس هناك حد معين يحدد بداية الفضاء الخارجي، ولكن بشكل عام فقد تم اعتماد خط كارمان الواقع على ارتفاع 100كم (62ميل) فوق مستوى سطح البحر كبداية للفضاء الخارجي وذلك من أجل تسجيل القياسات الجوية والمعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بالفضاء. ولقد تم تأسيس الإطار العام لقانون الفضاء الدولي عن طريق اتفاقية الفضاء الخارجي والتي مررت عبر هيئة الأمم المتحدة عام 1967م. وهذه الاتفاقية تحظر على أي دولة الإدعاء بالسيادة على الفضاء، وتسمح لجميع الدول باستكشاف الفضاء بحرية. أما في عام 1979م فوضعت اتفاقية القمر التي جعلت أسطح الكواكب والمدارات الفضائية حولها تحت سلطة المجتمع الدولي. حيث تم إضافة بنود أخرى للاتفاقية تتعلق بالاستخدام السلمي للفضاء الخارجي بإعداد من الأمم المتحدة ومع ذلك لم تحظر نشر الأسلحة في الفضاء، والتي من ضمنها الاختبارات الحية للصواريخ المضادة للأقمار الصناعية.
بدأ البشر في إكتشاف الفضاء الفيزيائي خلال القرن العشرين من خلال رحلات المناطيد الإرتفاع، متبوعًا بإطلاق صواريخ فردية على مراحل متعددة. كان يوري قاقارين من الإتحاد السوفيتي أول من اكتشف مدار الأرض عام 1961م ومنذ ذلك الحين وصلت مركبات فضائية غير مأهولة إلى جميع الكواكب المعروفة في النظام الشمسي. وبسسب ارتفاع كلفة الوصول للفضاء، لم تتعدى الرحلات المأهوله حدود القمر. وفي عام 2012، أصبحت فوياجر 1 أول مركبة من صنع الإنسان تصل مجال البينجمي.
يستدعي الوصول إلى أدنى مدار حول الأرض لسرعة تصل إلى 28،100 كم/س (17.500 ميل في الساعة)، وهي أسرع بكثير من أي مركبة تقليدية. كما يشكل الفضاء الخارجي بيئة تحدي مناسبة لإكتشاف البشر بسبب مخاطر الفراغ المزدوج والإشعاع. ولانعدام الجاذبية تأثير ضار على وظائف الأعضاء البشرية مما يؤدي إلى ضمور العضلات وهشاشة العظام. ولقد اقتصرت رحلات الفضاء المأهولة على مدار الأرض المنخفض والقمر، وما جاور النظام الشمسي للرحلات غير المأهولة؛ وما تبقى من الفضاء الخارجي يظل متعذراً على البشر خوضهُ باستثناء استخدامات التليسكوب.

الفضاء الأرضي

نجد أن الفضاء الأرضي هو منطقة الفضاء الخارجي القريبة من الأرض. فالفضاء الأرضي يتضمن المنطقة العلوية للغلاف الجوي والغلاف المغناطيسي. حزام فان الين الإشعاعي يقع داخل الفضاء الأرضي. أما الحدود الخارجية للفضاء الأرضي فهي الغلاف المغناطيسي، الذي يكوَن السطح البيني بين الغلاف المغناطيسي للكوكب والرياح الشمسية. أما الحدود الداخلية فهي الغلاف الأيوني. وكما أن الخواص الفيزيائية والحالة بالقرب من الفضاء الأرضي القريب تتأثر بحالة الشمس وطقس الفضاء، فإن نطاق الفضاء الأرضي مرتبط بالفيزياء الشمسية (الفيزياء الشمسية هي دراسة خاصة بالشمس وتأثيرها على كواكب النظام الشمسي).
حجم الفضاء الأرضي يُعرف بأنه مغناطيسية مضغوطة في اتجاه الشمس بواسطة ضغط الرياح الشمسية، مُعطيةً مسافة مثالية واقعة تحت الشمس بعشرة أمثال قطر الأرض من منتصف الكوكب. على كل حال، يمكن أن يمتد الذيل إلى الخارج لأكثر من 100 إلى 200 قطر عن الأرض. أما بالنسبة للقمر فهو يمر من خلال ذنب الفضاء الأرضي تقريباً أربع أيام من كل شهر، في الوقت الذي يكون فيه السطح عادةً محمياً من الرياح الشمسية.
إن الفضاء الأرضي مأهول بجزيئات مشحونة كهربائياً في المناطق ذات الكثافة شديدة الإنخفاض، فتكون الحركة تحت سيطرة نطاق مغناطيسية الأرض. حيث تُشكل هذه البلازما (الحالة الرابعة للمادة) وسطاً تتمكن فيه الإضطرابات العاصفة التي تسببها الرياح الشمسية من دفع التيارات الكهربائية إلى الغلاف الجوي العلوي للأرض. و خلال هذه العاصفة الجيومغناطيسية، يوجد هنالك منطقتين في الفضاء الأرضي مضطربتين كثيراً وهما مناطق أحزمة الإشعاع ومنطقة الغلاف الأيوني. ونتيجة لذلك؛ تزيد هذه العواصف من تدفقات الإلكترونات النشطة التي يمكنها أن تسبب عطلاً دائماً لإلكترونيات الأقمار الصناعية، وقد تؤدي أيضاً إلى تعطيل الاتصالات السلكية واللاسلكية وتقنية الـ جي بي إس. كما يمكن أن تشكل خطراً على رواد الفضاء وإن كانوا على مدار أرضي منخفض، وكذلك تشكل شفقاً قطبياً يمكن رؤيته قرب القطب المغناطيسي.
فعلى الرغم من أنه يدخل ضمن تعريف الفضاء الخارجي، نجد أن كثافة الغلاف الجوي في أول بضع مئات من الكيلومترات فوق خط كارمان لا تزال كافية لتشكيل مقاومة مانعة و معتبرة على الأقمار الصناعية. مع ذلك، تحتوي هذه المنطقة على مادةٍ خلّفتها قواذف سابقة و سواءً كانت مزودّة بطاقم أم لا فهذه المادة تشكل خطراً محتملا

لاستكشافات و التطبيقات 

تم اكتشاف الفضاء عبر الجزء الأكبر من التاريخ البشري من خلال المراقبة عن بعد؛ بداية باستخدام العين المجردة ثم باستخدام التليسكوب. قبل حلول عصر تقنية الصواريخ، كان أبعد ما وصل إليه الإنسان من الفضاء الخارجي يتم بواسطة المناطيد. في سنة 1935م، بلغ المنطاد الأمريكي "اكسبلورر 2" ارتفاعا قدره 22 كم (14 ميل). تم تجاوز هذا الرقم بشكل كبير في سنة 1942 عندما أطلق الألمان صاروخ أي-4 الذي بلغ ارتفاع 80 كم (50 ميل). و في سنة 1957 تم إطلاق القمر الصناعي سبوتنك 1 عن طريق الصاروخ الروسي أر-7، الذي استطاع الدوران حول الأرض على إرتفاع 215 – 939 كم (134 – 583 ميل). تبع ذلك أول رحلة فضاء للبشر في سنة 1961 عندما تم إرسال يوري غاغارينللمدار حول الأرض على متن مركبة فوستوك 1. أول من استطاع تجاوز مدار الأرض كان فرانك بورمان وجيم لوفل وويليام آندرس في سنة 1968 على متن المركبة أبولو8 التي حققت مدارًا قمريًا و استطاعت الابتعاد عن الأرض بمسافة 377،349 كم (234،474 ميل)
كانت "لونا 1" السوفيتية أول مركبة فضائية وصلت إلى سرعة الإفلات، و كان ذلك خلال رحلة بالقرب من القمر في سنة 1959م. و في سنة 1961م، أصبحت "فينيرا 1" أول مسبار كوكبي؛ و التي اكتشفت وجود الرياح الشمسية و استطاعت التحليق بالقرب من كوكب الزهرة، بالرغم من فقدانها القدرة على الاتصال قبل وصولها إلى الزهرة. و كانت أول مهمة كوكبية ناجحة هي رحلة المركبة "مارينر 2" التي حلقت إلى كوكب الزهرة في سنة 1962. تعتبر مارينر 4 أول مركبة تمر بكوكب المريخ في عام 1964. منذ ذلك الوقت، درست المركبات الفضائية غير المأهولة جميع كواكب النظام الشمسي بنجاح، بالإضافة لأقمارها و العديد من الكواكب الصغيرة و المذنبات. إلى هذا اليوم، تظل هذه المركبات أداة أساسية لاستكشاف الفضاء الخارجي ومراقبة الأرض أيضًا في أغسطس 2012، أصبحت فوياجر 1 أول صناعة إنسانية تترك النظام الشمسي وتدخل الفضاء البيننجمي.
يجعل غياب هواء الفضاء الخارجي (سطح القمر) مكانًا مثاليًا ؛لعلم الفلك على جميع الأطوال الموجية في الطيف الكهرومغناطيسي. كما يتضح من الصور المذهلة التي أعادها مرصد تلسكوب هابل الفضائي. مما سمح بمعاينة أضواء تعود إلى قبل 13.8 بليون سنة - تقريباً إلى زمن الانفجار العظيم. مع هذا ليس كل موقع في الفضاء مناسب لوضع مرصد التلسكوب فيه. يبعث الغبار الموجود بين الكواكب إشعاع قريب بإمكان الأشعة تحت الحمراء أن تُغطي الانبعاث من المصادر الباهتة مثل الكواكب خارج المجموعة الشمسية. تحريك لمرصد الأشعة تحت الحمراء إلى مكان خارج موقع تواجد الغبار سيزيد فاعلية الجهاز بطريقة مماثلة، يمكن لموقع مثل فوهة دايدالوس الصدمية في الجانب البعيد من القمر أن تحمي مرقاب راديوي من تداخل ترددات الراديو التي تُعيق الملاحظات التي تتم من الأرض ويمكن للفراغ العميق في الفضاء أن يخلق بيئة جذابة لبعض العمليات الصناعية، مثل تلك التي تتطلب سطوحاً فائقة النظافة.
الفراغ العميق للفضاء يجعله عاملا جذابا للعديد من الصناعات بخاصة الصناعات التي تتطلب نظافة فائقة مثل صناعة الرقاقات 

الإلكترونية. إلا أن تحقيق هذا الحلم ما زال مكلفا وغير منتج للأن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق